كتب:غسّان عمراوي
الجبهة الشعبية(تونس)
منذ يوم 08 جانفي 2011ومع تزايد الإحتجاجات والغليان الإجتماعي كان الموت هو المكافأة السياسية للشعب وكانت العزيمة والإصرار هو نبراس التحرر من النظام الديكتاتوري الجاثم على قلب التونسيين .طبعا من الشهداء الذين سقطوا بأوامر المخلوع وتحت إدارته الفاسدة وقبيلته السارقة وحاشيته المرتزقة بقيادة وزارية تطبيلية وادرة جيش تعلم البخل والإستكانة ظهر علينا الجنرال عمّار باستقالته الشهيرة لما يعرف بطلبه أمر كتابي من رئاسة الجمهورية لضرب القصرين .وبعد 14جانفي 2011تولى رشيد عمار المشكوك في تنظيمه عملية اغتيال مجموعة الجنرال سكيك 2002 في غار الدماء ،الإشراف على الأمن الوطني سواء الأمن الداخلي أعوان وزارة الداخلية أو الأمن الدفاعي – الجيش الوطني- .
اللافت للإنتباه أن يوم 20جانفي 2011 حين كانت الوقفة الإحتجاجية أمام مبنى التجمع لإزالة شعار التجمع رفع شعار ( يا رشيد يا عمار وينوا وعدك للثوار ؟ ) وتردد هذا الشعار كثيرا يوم دخول القصبة 1 يوم الهجوم على القصبة1 من طرف البوليس يوم دخول القصبة 2 ويوم تفريق المتظاهرين في القصبة بالغاز وبعدها لم يعد لرشيد عمار ظهور ميداني .في اثناء حكومة السبسي وتحديدا في شهر أفريل 2011 وعلى خلفية عملية حرق في نهج من ولاية بن عروس على خصومة ذاتية بين مواطنين أعلن حظر تجوّل من الثامنة ليلا إلى الساعة 05:00 صباحا وتبيّن فيما بعد أنّ أحد المسؤولين الأمريكيين زار وزارة الداخلية ليلا برفقة رشيد عمّار وكذلك لازم رشيد عمار جميع جلسات المجلس الوزاري وزار قطر في شهر جوان 2011 لكي يبرم صفقة عتاد عسكري في وقت ان هناك وزير دفاع ورئيس حكومة ورئيس جمهورية فماهي صفته آنذاك ؟ خاصة وأنّ اليوم الثاني لغيابه تزامن مع فرار مسجونين مدنيين من سجون ثلاثة في القصرين والمنستير وسيدي بوزيد وكل السجون قد وقعت فيها حرائق بنفس الكيفية وفي ذات اليوم مع مراعاة فارق طفيف في التوقيت .
طبعا أغلب الظنّ تركز على كونه الضامن الوحيد في عملية تركيز الإنتقال الديمقراطي , ولكن هذا السبب بطل بعد ذلك ،بعد التأكدّ من زيارات راشد الغنوشي يوميا للباجي في القصبة بداية من 10:00 صباحا الى حين تم ابرام الورقة التي تقضى ضمان حصول النهضة على أغلب أصوات انتخابات23 اكتوبر 2011 مقابل تمكين السبسي من رئاسة الجمهورية . مباشرة بعد الإتفاق حصلت عملية الروحية ومات فيها 3 من أعوان الجيش وقبلها حدثت عملية بير علي بن خليفة في مايو 2011 ,وقبل المفاوضات بين السبسي والغنوشي انسحب ممثلوا النهضة من الهيئة العليا لتحقيق الثورة الإصلاح السياسي والإنتقال الديمقراطي بعد رفضها لأمرين أولهما الإستجابة لدائرة المحاسبات عن الأموال في الرصيد البنكي للنهضة وخاصة انها تحصلت على تأشيرة منذ مارس ولا يعقل ان تكون في شهر ماي لها في الرصيد اكثر من مليارين وثانيا رفضها التوقيع على الميثاق الجمهوري صلب الهيئة ومن جهة أخرى يجلس يوميا كل من راشد الخريجي والباجي قائد السبسي على طاولة المفاوضات طيلة شهر جوان ؟
بعد انتخابات المجلس التأسيسي أوّل الأحداث ارتبطت بمسألة الهوية نقاشات حادة حول هوية الدولة في المجلس وممارسة العنف والتخويف والتهويل والترويع في فضائات بعينها ومن ثمة تحضير مناخ وطني وذهنية لتقبل الإغتيال السياسي وجاء اغتيال المناضل الشهيد شكري بلعيد يوم 06 فبراير 2013 هذا الإغتيال في حدّ ذاته تحوم حوله عديد الملاحظات :
1- شكري بلعيد السياسي الذي ينطق بالحقيقة كماهي وضوح في الرؤيا وبساطة في التعبير وتحكم في الميدان واستشراف دقيق للمستقبل.
2- يوم الإغتيال مناسبة لأحياء ذكرى حركة فيفري الطلابية ورمزية شكري أنه كان مناضلا صلب الهياكل النقابية المؤقتة وأحد أعضاء المكتب التنفيذي لمؤتمر 18خارق للعادة اذا فإختيار تاريخ الإغتيال هو اختيار مدروس حتى يرتبط هذا اليوم عند شباب اليسار بالإغتيال وتنسى في طياته حركة 05فيفري وشعاراتها .
3- علي العريض على رأس وزارة الداخلية وحمادي الجبالي رئيس حكومة وشيخ مونبليزير يريد تهدئة السبسي بعد اغتيال لطفي نقض ورشيد عمار يريد التخلص من وضوح الرؤيا السياسية وصراحة شكري بلعيد لطمأنة أولي الأمر في الإنتقال الديمقراطي .
بعد ذلك النهضة كحزب تدخل في زجاجة المتهم ومن ناحية أخرى محمد البراهمي يلفت الإنتباه حول مسألة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وهو ما يعني سياسيا وضع النهضة في إحراج فهي وليدة تنظيم الإخوان المزروع لحماية مصالح الكيان الصهيوني في المنطقة العربية ولا أدّل على ذلك ألوان العلمين علم الكيان الصهيوني وعلم حركة النهضة .وثانيا التنصيص على تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني يعني مباشرة من الناحية العملية السياسية قطع الطريق أمام الإمداد المالي الصهيوني لحركة النهضة في عمليات تهجير الشباب التونسي للجهاد في سوريا وليبيا ؟
برقية التنبيه التي جاءت من جهاز المخابرات الأمريكية كانت بغاية التثبت من مدى قدرة رشيد عمار على المواصلة في العملية ومن غرائب الصدف أن يحصل في ذات اليوم أي 27جانفي ثلاث أشياء نوعية وهم :
08:30 بتوقيت تونس تغيير على رأس ولاية العهد في قطر .
12:00 بتوقيت تونس السيسي يلوح بمناصرة الممضين على عريضة اقالة مرسي في صورة قيامهم بالإعتصام في ميدان التحرير بمصر
21:00 بتوقيت تونس :رشيد عمار يطالعنا في قناة تونسية ويروي بطولاته الحمائية ودوره الممتاز في مسرحية الإنتقال الديمقراطي ثم يقرر الإعتزال ومن ثمة يخرج أمام الناس منتصرا بعدما أعدّ العدة لتنفيذ ما تسرب من فيديوا اجتماع حركة النهضة بخصوص العمل على اختراق الجيش وكان الفيديو في شهر ماي2011 .
يوم 25 جويلية اغتيال البراهمي في يوم رمزي هو عيد الجمهورية وهو ما يعني أنّ الإغتيال كان مدبرا بشكل لا فت للإنتباه ولم تعر السلطات الأمنية المركزية والجهوية والمحلية اهتماما لما تقدم به الناس .وهو ما يعني مباشرة تورط على العريض كرئيس حكومة ووزير الداخلية لطفي بن جدو وبطبيعة الحال كل زبانية الكيان الصهيوني في تونس من حركة النهضة ونداء تونس ومن ثمة وبعد اغتيال محمد البراهمي كعملية مسح للشكوك حصلت عملية الشعانبي حتى يذهب لذهن العادي أن اغتيال البراهمي كان على يد ارهابيين من خارج اطار الحكم والنفوذ السياسي .